يعتبر خزف فاس من الصناعات التقليدية العريقة التي حافظت عليها هذه المدينة. فهو خزف فاخر، سِمَتُهُ اللون الأزرق. اقتصر استعماله قديما على المناسبات العائلية. وكلمة خزف يقصد بها الطين الذي استُخدمت في صناعته طلاءات وزخارف فأصبح، بفعل الحرارة، ذا بريق معدني.
تبدأ رحلة صناعة الأواني الخزفية، كما تعارف عليها الصناع الأوائل بفاس، بجلب الطين من محيط المدينة حيث تجود الأرض بأفضل أنواع التربة الطينية. فبعد غربلته وتصفيته يتم عجنه وتشكيله باستعمال عجلة الخزف، مما يُمَكن الحِرَفي من صنع الشكل المراد بلمسة سريعة تنم عن دُرْبَة ومهارة كبيرين. بعد أن تكتمل ملامح القطعة الخزفية، يعرضها الصانع لتجف تحت أشعة الشمس، ثم يدخلها إلى الفرنلتُطْهَى تحت درجة حرارة مرتفعة تصل إلى 1200 درجة، كمرحلة أولى. إثر ذلك، تُعرض القطع على الزٌّواق الذي يقوم بتلوينها مستعينا في ذلك بالفرشاة والصباغة التي تدخلُ في مكوناتِها مادَّةُ الكوبالت الزرقاء. يُبْدِعُ الحِرَفي «الزٌّواق زخارف نباتية تسمى تسطيرا، وهندسية توريقا، وأخرى منبثقة من الخط العربي. حين تَتَشَرَّبُ واجهةُ الآنية طلاءً أبيضَ، تكون بذلك قد أزالت عنها لونها الطيني لترتدي، بعد إدخالها الفرن، طبقةً بيضاءَ لامعة تُضفي على القطعة الخزفية بريقا معدنيا.
فاقت شهرة الخزف الأزرق لفاس حدود الوطن لتُعرض بمتاحف العالم، وذلك لتميزه بدقة صنعه، ولونه وزخرفته. فمن خزف فاس من كانت له وظيفة نفعية، ومنه من أدى وظيفة رمزية لما يحمل من عناصر زخرفية عانقت فيها الأزهارُ الأقواسَ الهندسيةَ ولفظَ الجلالة.
تحتل صناعة الخزف الأزرق لفاس مكانة هامة في المجتمع المغربي عموما، والفاسي على وجه أخص.وهو عنوان للفخامة والدقة في الصنع، وَشَكْلٌ من أشكال حفظ الذاكرة والتاريخ.